الجمعة، 6 مايو 2011


 
للشيخ الإمام
أبي الفرج بن الجوزي

 قصص الأذكياء ..
كتاب قيم يبدأ مع فضل العقل وذكر ماهيته وعلاماته ومحله ، ويقسم علامات التعقل لقسمين :

دلالة الصور:
- الخلق المعتدل والبنية المتناسبة دليل على قوة العقل وجودة الفطنة.
- من كانت عينه تتحرك بسرعة وحدّة فهو مكار محتال لص.
- إذا كانت العين صغيرة غائرة فصاحبها مكار حسود.
- ومن كان نحيف الوجه فهو فهمٌ مهتم بالأمور. ص28

دلالة الأحوال والأفعال:
يستدل على عقل العاقل بسكوته وسكونه ، وخفض بصره وحركاته في أماكنها اللائقة ، ومراقبته للعواقب فلا تستفزه شهوة عاجلة عقباها ضرر ، وتراه ينظر في الفضاء فيتخير الأعلى والأحمد عاقبة من مطعم ومشرب وملبس وقول وفعل ، ويترك ما يخاف ضرره ويستعد لما يجوز وقوعه.ص30

ثم بعد ذلك يشرع المؤلف بذكر قصص الأذكياء من شتى العصور ، بدءا بالأنبياء عليهم السلام ، ونختار لكم قصة نبي الله سليمان :
جاء رجل إلى سليمان النبي عليه السلام ..
فقال: يا نبي الله إن لي جيرانا يسرقون إوزي .
فنادى الصلاة جامعة ، ثم خطبهم فقال في خطبته : وأحدكم يسرق إوز جاره ثم يدخل المسجد والريش على رأسه !
فمسح رجل برأسه !
فقال سليمان : خذوه فإنه صاحبكم .ص34
لعل هذه القصة هي منشأ المثل الدارج عندنا : اللي على راسه ريشه ؟

كما روي عن عمر رضي الله عنه أنه خرج يعس المدينة بالليل ، فرأى نارا موقدة في خباء فوقف وقال:
يا أهل الضوء.
وكره أن يقول يا أهل النار. ص 43
ولعل هذا الذكاء هو ما نسميه في وقتنا الحالي : الذكاء اللفظي.


وذكر عن الشعبي أنه قال ..
خرج عمرو بن معد يكرب يوما حتى انتهى إلى حي فإذا بفرس مشدودة ورمح مركوز وإذا صاحبه يقضي حاجته .
فقلت : خذ حذرك فإني قاتلك.
قال : ومن أنت ؟
قلت : عمرو بن معد يكرب.
قال : يا أبا ثور ما انصفتني ، أنت على ظهر فرسك وأنا في بئر ، فأعطني عهدا أنك لا تقتلني حتى أركب فرسي وآخذ حذري.
فأعطيته عهدا أن لا أقتله حتى يركب فرسه ويأخذ حذره .
فخرج من الموضع الذي كان فيه حتى احتبى بسيفه وجلس !
فقلت له : ما هذا ؟
قال : ما أنا براكب فرسي ولا مقاتلك ، فإن كنت نكثت عهدا فأنت أعلم !
فتركته ومضيت ، فهذا أحيل ما رأيت ! ص 111

أما عن داهية العرب المغيرة بن شعبة ، فيقول:
ما خدعني قط غير غلام من بني الحرث بن كعب ، فإني ذكرت امرأة منهم وعندي شاب من بني الحرث .
فقال أيها الأمير : إنه لا خير لك فيها .
فقلت : ولم ؟
قال : رأيت رجلا يقبلها .
فأقمت أياما ثم بلغني أن الفتى تزوج بها ! فأرسلت إليه فقلت : ألم تعلمني أنك رأيت رجلا يقبلها ؟
قال : بلى ، رأيت أباها يقبلها .
فإذا ذكرت الفتى وما صنى غمني ذلك . ص 119

أما عن طرائف الحجاج ، فقد روى أبو إسحق الجهمي :
لما تولى الحجاج الإمارة قال لغلام له : تعال نتنكر وننظر مالنا عند الناس ، فتنكرا وخرجا ، فمرا على المطلب غلام أبي لهب ، فقالا : يا هذا .. أي شيئ غير الحجاج ؟
قال : على الحجاج لعنة الله .
قالا : فمتى يخرج ؟
قال : أخرج الله روجه من بين جنبيه ، ما يدريني .
قال : أتعرفني ؟
قال : لا .
قال : أنا الحجاج بن يوسف.
قال : أتعرفني أنت ؟
قال : لا .
قال : أنا المطلب ، غلام أبي لهب ، معروف أصرع في كل شهر ثلاثة أيام أولها اليوم ! فتركه ومضى . ص 146

وغضب رجل على رجل ..
فقال له : ما أغضبك .
قال : شيء تنقله الثقة عنك .
قال له : لو كان ثقة ما تم ! ص158

الكتاب بشكل عام فيه الكثير من القصص الرائعة في الذكاء ، أيضا يوضح منشأ كثيرا من الأمثال ،  وبقدر ما استمتعت بهذه القصص إلا أن هنالك قصصاً ليست بتلك الدلالة المطلوبة .

وما يميز هذه الطبعة حقا هو الجهد الذي تم بذله في دراسة وتحقيق الكتاب للأستاذ : محمد عبد الرحمن عوض ، فجهوده المبذولة واضحة في الهوامش ، بذكر صحة الأحاديث ومدى ضعفها ، والتعليق على القصص التي فيها مكر وخديعة ويفرق بينها وبين الذكاء ، كما يستنكر تدني الأخلاق في بعض القصص وينبه عليها.


لتنزيل نسخة pdf. من كتاب الأذكياء يرجى التوجه للرابط التالي:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق